نسب النبي إبراهيم
ده سجل نسل تارح: تارح خلف إبراهيم وناحور وهاران. وخلف هاران ابنه لوط، ومات قبل أبوه تارَح في أُور الكَلدانيِّين وهي الأرض اللي اتولد فيها في بلاد ما بين النهرين. وإبراهيم اتجوز سارة. وأخوه ناحور اتجوز مِلْكةَ بنت هاران. وكانت سارة زوجة إبراهيم عاقر مش بتخلف.
في يوم من الأيام، أخذ تارَح ابنه إبراهيم وحفيده لوط بن هاران، وسارَه زوجة ابنه إبراهيم، ورحل بهم مِن أور الكلدانيين في جنوب أرض ما بين النهرين واتجهوا لأرض الكنعانين. لكن لما وصلوا حاران في شمال سورية استقروا فيها. وهناك توفى الله تارح وعُمره 205 سنة.
12
قصة النبي إبراهيم
وفي يوم من الأيام، أوحى الله تعالى للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم، ارحل عن أرضك وسيب بيت أبوك وأهلك وروح للأرض اللي هقولك عليها. وأنا اجعل فيك البركة واجعل أمة عظيمة تخرج من نسلك، واكرم اسمك وتكونَ منك بركة للعالمين. واُكرم اللي يكرمك وأهين اللي يهينك، وبك تتبارك أمم الأرض أجمعين». فأطاع النبي إبراهيم أمر رب العالمين. وأخذ النبي إبراهيم ساره زوجته ولوط ابن اخوه ومعاهم كل املاكهم والعبيد اللي امتلكوهم في حاران، ورحلوا على أرض الكنعانين. وقتها كان عُمر النبي إبراهيم (75 خمسة وسبعين) سنة. ولما وصلوا أرض كنعان اللي كانت بتسكنها قبائل الكنعانيين، اتنقل النبي إبراهيم لحد ما وصلوا عند شجرة ممرا المقدسة، اللي جنب بلدة شكيم القريبة من جبل جرزيم (الموجودة دلوقت بالقرب من مدينة نابلس في فلسطين). وهناك أوحى الله تعالى للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم، الأرض دي وهبتها لذريتك». فبنَى النبي إبراهيم (مكان ما أوحىَ له الله) بيت عبادة يقدم فيه لله القرابين. بعدها رحل النبي إبراهيم مِن بلدة شكيم للجبل شرق مدينة بيت إيل، ونصب خيامه ما بين بيت إيل في الغرب وقرية عاي في الشرق. وبنَى هناك كمان بيت عبادة يقدم فيه الآضاحي ودعا بسم الله الحي القيوم. بعدها كمل النبي إبراهيم رحلته للجنوب ناحية صحراء النقب (جنوب فلسطين). في الوقت ده حصلت مجاعة شديدة في أرض الكنعانيين، فواصل النبي إبراهيم رحلته للجنوب علشان يعيش فترة في أرض المصريين. وقبل ما يصلوا مصر، قال النبي إبراهيم لزوجته ساره: «اسمعي، أنا عارف أنك امرأة جميلة، وممكن لما يشوفِك المصريين، يقتلوني علشان ياخذوكي. علشان كده ممكن تقولي لهم أنك اُختي، فتحفظي حياتي ويكرموني بسببك». وَلما دخل النبي إبراهيم مصر لفت جَمال ساره أنظار الناس. ولما شافها رجال قصر الفرعون، مدحوا في جمالها للفرعون، فأمر انهم يجيبوها عنده في القصر علشان تكون ضمن الحريم. لكن الله تعالى اصاب فرعون وأهل بيته بأمراض وبلايا عظيمة، لأن الفرعون أخذ سَارَه زوجة النبي إبراهيم. فاستدعَى الفرعَون النبي إبراهيم، وقالَ له: «ايه اللي أنت عملته معانا ده يا إبراهيم؟ لِيه ماقولتش أن سارة زوجتك؟ ولِيه قلت أنها أُختك لحَد ما أخذتها تكون عندي ضمن الحريم؟ دلوقت خد زوجتك وَارحلوا من هنا فوراً». وأَمر الفرعون رجالته أنهم يتأكدوا من رحيل النبي إبراهيم من بلادهم، فمشى رجالة الفرعون مع النبي إبراهيم وزوجته ومعاهم كل اللي كانوا يملِكوه، لحد ما بعدوا عن أرضهم.
13
رجوع النبي إبراهيم من مصر
وخرج النبي إبراهيم من مصر ومعاه زوجته ولوط ابن أخوه وكل أملاكهم، وراحو ناحية صحراء النقب في جنوب فلسطين. وبقى إبراهيم غني وبيملك ثروة عظيمة من الذهب والفضة والمواشي والأغنام. وتنقل النبي إبراهيم فِي صحراء النقب، لحد ما وصل مدينة بيت إيل. وسكن في نفس المكان اللي كان مخيم فيه قبل كده، واللي كان بنَى فيه مكان لعباده الله وقَدَم الآضاحي فيه لله هناك. وَلما رجع هناك، تعبد النبي إبراهيم لله تاني ودَعا بسم الله رب العالمين.
افتراق أبراهيم ولوط
وكان لوط ابن أخو النبي إبراهيم هو كمان صاحب أملاك ومواشي وأغنام. في الوقت ده كان الفريزيين والكنعانيين هم كمان في نفس الأرض ساكنين. فضاقت الأرض من كثر أملاك لوط والنبي إبراهيم، وبقَى صعب أنهم يعيشوا مع بعض متجاورين. فبدأ الخلاف على المراعي بين رعاة غنم لوط ورعاة غنم النبي إبراهيم. ولما عرف النبي إبراهيم بالمشاكل اللي بين الرعاة، قال للوط: «يا أبن أخي، أحنا أهل ومايصحش أن يحصل خلاف بيننا، ولا بين رعاتنا. مش فيه أراضي واسعة قدامك؟ اختار منها اللي يعجبك وخلينا نفترق أفضل لنا. لو روحت أنت للشمال، أروح أنا للجنوب، ولو روحت أنت للجنوب، اروح أنا للشمال».
لوط يختار سدوم
فرفع لوط عينه وبص حواليه، فشاف أن وادي الأردن لحد مدينة صوغر مليان بالمياه ويشبه الجنة زي أرْض مِصْرَ. كل ده حصل قبل ما يدَمر الله سدوم وعمورة. فاختار لوط لنفسه وادي الأردن كله ورحل ناحية الشرق، ونصب خيامه بالقرب من مدينة سدوم اللي كان أهلها أشرار وفاسدين. أما النبي إبراهيم ففضل في أرض الكنعانيين. وبكده أفترق لوط عن النبي إبراهيم. وبعد ما أفترق لوط عن النبي إبراهيم، أوحى الله تعالى للنبي إبراهيم وقال له: « يا إبراهيم ، دقق النظر في كل اللي حواليك. الأرض دي اللي أنت شايفها، أنا عطيتها لك وتورثها ذريتك جيل بعد جيل. واعطيك نسل اكتر من حبات الرمل على الارض، من كترهم يعجز الناس عن عدهم. قوم يا إبراهيم وتجَول في الأرض اللي وهبتها لك». فسجد النبي إبراهيم شكر لله. وبعدها رحل النبي إبراهيم وعاش عند بلوطات ممرا بالقرب من مدينة حبرون الخليل. وبنَى هناك مكان لعبادة الله وتقديم الأضاحي.
14
حرب الملوك
في الوقت ده، كان خمسة من ملوك وادي الأردن خاضعين من ١٢ سنة لسلطة مَلك عيلام في بلاد ما بين النهرين، وفي السنة الـ ١٣ تمرد عليه الملوك الخمسة. بعدها بسنة جمع ملك عيلام قواته واستعان بتلاته من حلفائه في بلاد ما بين النهرين، ومشوا الملوك الأربعة بالجيوش لمحاربة الملوك الخمسة المتمردين. فحشد الملوك الخمسة قواتهم في وادي البحر الميّت علشان يدافعوا ضد الملوك الأربعة المهاجمين. فقامت الحرب وانتصر الملوك الأربعة المتحالفين على الملوك الخمسة المتمردين، واخدوا كلّ الغنائم اللي نهبوها، وكمان اخذوا لوط أبن أخو النبي إبراهيم اللي كان بيعيش في سدوم وأملاكه من ضمن المأسورين، ورحلوا على بلادهم راجعين.
إنقاذ لوط من الأسر
لما كان النبي إبراهيم ساكن في حبرون الخليل، عرف باللي حصل في سدوم من واحد من رجالة لوط الهربانين. فلمّا عرف النبي إبراهيم أنهم أخذوا ابن أخوه أسير ، جمع الخدم المولودين في بيته وعددهم ٣١٨ من الرجالة المُخلصين، وكمان رجالة حلفائه ممرا وأشكول ورجالة أخوه عانر وتبِعوا الملوك الأربعة ناحية الشمال لحد ما لحقوهم عند مدينة دان القريبة من مرتفعات الجولان. وبالليل، قسّم النبي إبراهيم رجالته، وهجموا عليهم من كلّ اتجاه، فهزموهم وطاردوهم ناحية شمال دمشق. بعدها رجع النبي إبراهيم ومعه لوط والغنائم والنساء وكل المأسورين.
الملك مالك صادق يدعي بالبركة لإبراهيم
ولما رجع النبي إبراهيم بعدما هزم ملك عيلام وحلفائه، خرج يستقبله مالكصادق ملك أورشليم القدس اللي كان من أولياء الله الصالحين، وقدم خبز وشراب للنبي إبراهيم. وباركه وقال: اللهم ربي العلي العظيم يا خالق السموات والأرض بارك إبراهيم. وتبارك الله العلي العظيم اللي جعل أَعداءك بين ايديك خاضعين. فقدم النبي إبراهيم للملك مالكصادق زكاة العُشر من الغنائم. وبعدها جا ملك سدوم وقال للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم احتفظ بكل اللي غنمت من ثروة لنفسك وسيبلي أنا الأسرى المتحررين». فجاوبه النبي إبراهيم: «أنا أقسمت بالله العلي العظيم، خالق السماواتِ والأرض وعاهدته أني ماخودش أي حاجة منك، حتى وإن كان رباط نعل بسيط علشان ماتقولش: أنا أغنيت إبراهيم. مش هاخد منك غير اللي أكله رجالتي. أما حلفائي ممرا وعانر وأشكول ورجالتهم، فهم أحرار في نصيبهم». وبعدها رجع النبي إبراهيم ورجالته على حبرون الخليل.
15
عهد الله مع إبراهيم
بعد ما رجع النبي إبراهيم ورجالته من الحرب لمدينة حبرون الخليل، أوحى الله في الرؤيا للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم ، ماتخافش. أنا هحفظك واحميك وأجرك عندي عظيم». فقال النبي إبراهيم: «يا ربي العظيم، أيه نفع النعمة اللي عطيتها لي وعبدي أليعازر الدمشقي هو اللي هيورثني؟ يا رب أنت مارزقتنيش بأولاد، واللي هيورثني عبد مولود في بيتي» فأوحى الله للنبي إبراهيم: «العازر عبدك مش هيورثك، لكن اللي هيورثك هيخرج من صلبك ». وبعدها خَرج الله النبي إبراهيم وقاله: «بص في السما يا إبراهيم وعد النجوم لو تقدر. نسلك هيكون زي عدد نجوم السما يا إبراهيم». فآمن إبراهيم بوعد الله، فرضي الله عنه وتقبله من الأبرار الصالحين. وَقال الله للنبي إبراهيم: «أنا هو الله اللي خرجك من بلاد ما بين النهرين علشان اعطيك الأرض دي». فَقال النبي إبراهيم: «ربي أزاي أعرف إن الأرض دي هتكون ملكي؟» فأوحى الله للنبي إبراهيم: «تجيب عجل وعنزة وكبش عمرهم ٣ سنين، وتجيب معاهم يمامة وحمامة وتعمل زي ما هقول لك». فعمل النبي إبراهيم زي ما أمره رب العالمين فذبح البهائم وشقها نصين وخلا النصين قدام بعض متقابلين، وذبح الطيور وسابها من غير ما يشقها نصين. (علامة على العهد بين المتعاهدين.) ولما نزلت الطيور الجارحة علشان تاكل من الأضاحي، طردها النبي إبراهيم. ولما مالت الشمس للغروب نام النبي إبراهيم وراح في نوم عميق، ونزل عليه ظلام رهيب كثيف. وقال الله تعالى للنبي إبراهيم: «أعلم باليقين يا إبراهيم أن نسلك هيكونوا غُرَبا ويعيشوا في أرض مش أرضهم، ويكونوا عبيد لأهلها ٤٠٠ سنة مذلولين. لكن أنا هعاقب الأمة اللي كانوا فيها مذلولين، وبعدها يخرج نسلك بثروة متحملين. ويرجعوا في الجيل الرابع من نسلك للأرض دي. في الوقت ده هيكون زاد وامتد شر أهل البلاد وحق عليهم العقاب.» وبعد الغروب لما خيم الظلام ظهر موقد بيخرج منه دُخان وشعلة من لهب بتعدي بين أنصاف الحيوانات المقطوعين.
الوعد بالأرض
في اليوم ده أقام الله عهد مع نبيه إبراهيم وقال له: «لنسلك أعطي الأرض اللي من نهر مصر لنهر الفرات العظيم».
16
قصة هاجر وإسماعيل
أما سارة زوجة النبي إبراهيم فكانت مش بتخلف، وكان عندها جارية مصرية أسمها هاجَر. وبعد ما عدت على إقامة النبي إبراهيم في أرض كنعان ١٠ سنين، قالت سارة للنبي إبراهيم: «إرادة ربنا أني اتحرم من الخلفه وأكون عقيم، فادخل على هاجر، ولو خلفت ولد اخذه أنا لنفسي». فزَيّ ما قالت سارة عمل النبي إبراهيم.
إذلال هاجر وهربها
وحصل أن النبي إبراهيم أجتمع بهاجر فحملت، ولما عرفت أنها حامل بدأت تتكبر على سارة وتحتقرها. فقالت سارة للنبي إبراهيم: أنا مظلومة بسببك، فأنا اللي خليتك تتجوزها، ولما عرفت أنها حامل هُنت أنا في عنيها، والله يحكم بيني وبينك. فرد النبي إبراهيم عليها وقال: هي ملك أيدك وأنتي حرة فيها. فبدأت سارة تعامل هاجر بقسوة لحد ما هاجر هربت منها.
هاجر تسمي الله بأسم أنت إلهي اللي شايف حالي
وظهر لهاجر ملاك الله بالقرب من عين المياه اللي على الطريق لمصر عبر صحراء سيناء. فسألها الملاك: «يا هاجر، أنتي جاية منين ورايحة على فين؟» فردت هاجر: أنا هربانة من مولاتي سارة وقسوتها. فقال لها ملاك الله: «ارجعي يا هاجر لمولاتك وأسمعي كلامها، وأنا اُكثر نسلك فلا يحصاه البصر. أنتي دلوقتي حامل، وهتولدي ولد وتسميه إِسماعيل لأن الله هو السميع وسامع صرخة تعبك. وأبنك هيكون رجل زي وحوش البرية أيده مرفوعة على الجميع ، الكل يعاديه وهو يتحدى الجميع». فدعت هاجر الله بأسم أنت إلهي اللي شايف حالي، لأن هاجر شافت وحي الله ظهر وكلمها وفضلت عايشه، فقالت: «بالحق أنا شفت اللي شايف حالي!». علشان كده البئر ده في سيناء أسمه «بئر الحي البصير».
مولد إسماعيل
وبعدها ولدت هاجر للنبي إبراهيم ولد، فسماه إسماعيل. وكان عمر النبي إبراهيم ٨٦ سنة لما ربنا رزقه بأبنه إسماعيل.
17
العهد والختان
لما كان عمر النبي إبراهيم ٩٩ سنة، أوحىَ له رب العالمين وقال: «يا إبراهيم، أنا هو الله القدير، إن اطعتني ومشيت على صراطي المستقيم. فإنا أحفظ عهدي معاك وأكثر نسلك زي عدد نجوم السما ». فسجد النبي إبراهيم لله، فقال له رب العالمين: «عهدي لك يا إبراهيم أنك تكون أب لأمم كثيرة. من الآن هيتغير أسمك، وبدل من أَبرام ،هيكون أسمك إبراهيم، لأنك هتكون أب لأمم كثيرة؛ وأنا بالزيادة أكثر ذريتك، وأمم كثيرة تخرج من صلبك، وكمان هيخرج ملوك من نسلك. وأنا أحفظ عهدي معك ومع نسلك، وأكون إلهك وإله كل اللي يخرجوا من نسلك. وكل أرض كنعان اللي أنت فيها دلوقتِ متغرب، للأبد هاوهبها لك أنت ونسلك، وأكون إله لنسلك من بعدك. أما أنت يا إبراهيم وكل نسلك، فعليكم الطاعة وأنكم تمشوا على صراطي المستقيم. والعلامة على طاعتكم لعهدي معاكم هي ختان ذكوركم، فلازم يكون كل ذكوركم مختونين. من الآن، كل ذكر مولود من نسلك، وكل ذكر مولود في بيتك من العبيد أو الغرباء المملوكين، بعد ثمانية أيام من ولادتهم لازم يكونوا مختونين. فيكون الختان علامة على العهد في أجسامهم إلى أبد الأبدين. أما الذكور غير المختونين فيطردوا من بين أهلهم لأنهم لعهدي مخالفين.
وعد الله لسارة
أما زوجتك فمن الآن مش هيكون اسْمها ساراي، لأن من الآن اسمها هيكون سارة. وهبارك فيها فتكون أُمّ لِأمم كثير، وأعطيك أبن منها، ويخرج ملوك من ذريتها». فسجد النبي إبراهيم لله وضحك وقال في نفسه: «هو ممكن أني أخلف ولد وأنا عمري قرب على (100 مئة) سنة، أو ممكن أن سارة تولد وهي في سن التسعين؟»
وقال النبي إبراهيم: «يا إلهي، يكفيني أنك جعلت إسماعيل وريثي» فقال الله لإبراهيم: «لا، لكن زوجتك سارة تولد لك أبن وهيكون أسمه إسحاق. وأحفظ عهدي معاه ومع ذريته من بعده. أما إسماعيل فأنا سمعت دعوتك، وهباركه بنسل كثير. وهيكون أب لـ ١٢ زعيم قبيلة، وأجعل من نسله أمة كثيرة. لكن عهدي أقيمه مع إسحاق الي هتولده لك سارة فِي الوقت ده من السنة الجاية». ولما أنتهى كلام الله مع النبي إبرهيم، تركه ملاك الله وصعد للسماء.
تنفيذ عهد الختان
وفي نفس اليوم أطاع النبي إبراهيم أمر رب العالمين وختن نفسه وختن ابنه إسماعيل. وكمان ختن كل الذكور المولودين في بيته من العبيد أو الغرباء المملوكين. وفي اليوم ده كان نبي الله إبراهيم عمره ٩٩ سنة، وإسماعيل كان عمره ١٣ سنة.
18
ملائكة السماء في ضيافة النبي إبراهيم
وبعد فترة من الختان والوعد بولادة إسحاق، أوحي الله للنبي إبراهيم عند أشجار بلوط ممرا، لما كان قاعد عند مدخل خيمته وقت اشتداد الحر. فشاف النبي إبراهيم ٣ ملائكة في هيئة رجال بالقرب منه واقفين. فقام وجرى بسرعة علشان يستقبلهم وانحنى قدامهم، وقال: «يا سادة، لو كنت أنول رضاكم، فتفضلوا عندي ضيوف مُكَرَمين. اسمحوا لي اجيب شوية مياه، فَتَغْسِلُوا رجليكُم وتستريحو في ظل الشجرة. وأقدم لكم لقمة علشان تتقوتو بها قبل ما تمشوا في طريقكُم». فوافقوا وقبلوا ضيافة النبي إبراهيم. فرّاح النبي إبراهيم بسرعة لخيمته وقال لسارة زوجته: «بسرعة اعجني كيس من أحسن الدقيق اللي عندنا». وبعدها أسرع النبي إبراهيم لقطيع المواشي، واختار واحد من أفضل العجول اللي عنده، وأمر خدمه أنهم يعجلوا في تحضيره. ولما الأكل جهز، قَدم النبي إبراهيم للضيوف حليب وزبدة مع العجل المشوي. ووقف يخدمهم وهم قاعدين تحت الشجرة. فقالوا له: «فين زوجتك سارة يا إبراهيم؟» فقال النبي إبراهيم: «هي هناك في الخيمة.» فقال له واحد منهم: «لما أرجعلك في نفس الوقت ده من السنة الجاية، هتكون زوجتك سارة خلفت لك ولد». وكانت سارة بتتصنت على كلامهم من ورا حجاب مدخل خيمتها. وكانَ النبي إبراهيم وسارة شيوخ ومتقدمين في العمر، ومن سنين طوال كانت أنقطعت عن سارة عادة النساء. فضحكت سارة وقالت في نفسها: «وهو ممكن أنول الفرحة دي وأنا عجوز عقيم وكمان زوجي شيخ من المُسنين؟» فقال الوحي للنبي إبراهيم: «أزاي سارة تضحك وتشك في كلامي، وتقول أزاي يكون لي ولد وأنا عجوز عقيم؟ هل فيه حاجة مستحيلة على الله القدير؟ أنا هارجع لك في نفس الوقت ده السنة الجاية زي ما وعدتك، وقتها هتكون سارة خلفت لك غلام حليم.» فخافت سارة وأنكرت وقالت: «أنا ماضحكتش.» فقال لها: «لا، أنتِ ضحكتي.»
ولما قام الرجال ومشوا ناحية مدينة سدوم، مشَى النبي إبراهيم معاهم علشان يودعهم. وفي الطريق قال الله: «أفضل أن إبراهيم يعرف اللي هاعمله بسدوم وعمورة قوم لوط. لأن نسل إبراهيم هيكون أمم عظيمة وبه أبارك أمم الأرض أجمعين. وأنا أصطفيته علشان يوّصي أهل بيته وكل نسله من بعده بأنهم يطيعوني ويتمسكوا بالحق والعدل على الدوام. فإن أطاعوني وحفظوا عهدي، اُكثر نسله وأتمم له وعدي»
بعدها أوحى الله للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم، سمعت أن أهل سَدوم وعَمورة فسدوا وكثرت فيهم معاصي الظالمين. وأنا هنزل لهم رُسلي علشان نتأكد إن كانوا يستحقوا الهلاك.» بعدها رحل الرجال وراحوا على سدوم، لكن النبي إبراهيم فضل واقف في حضرة رب العالمين. فتقَرَب النبي إبراهيم وقال: «ربي أنت الحكم العدل، فهل ممكن تهلك الأبرياء مع المذنبين؟ لو كان في المدينة خمسين صالحين، فهل تهلكها ولا تعفو عنهم رحمة بالصالحين؟ حَاشَا لك يا رب أنك تهلك الأبرياء مع المذنبين، فأنت الحكم العدل. وهل لا تحكم بالعدل وأنت خير الحاكمين؟» فقال الله: «إن كان في سدوم خمسين صالحين عفيت عنها إكراماً للصالحين.» فقال النبي إبراهيم: «عبدك رجل بسيط من تراب وطين، فعفوك ربي لو كنت من المجادلين. لو كان في المدينة خمسة وأربعين صالحين، فهل تهلك المدينة كلها بسبب الخمسة الناقصين؟» فقال الله: «لا أُهلكها إن كان فيها خمسة وأربعين من الصالحين.» فقال النبي إبراهيم: «ربي، وإن كان في المدينة أربعين فقط صالحين؟» فقال الله: «لا أُهلكها إكرامًا للأربعين.» فقال النبي إبراهيم: «ربي أرحمني ولا تؤاخذني، ولو كان في المدينة بس ثلاثين صالحين؟» فقال الله: «لا أُهلكها إكرامًا للثلاثين.» فقال النبي إبراهيم: «ربي أغفر لي لو تجرأت وتكلمت! طيب لو كان في المدينة فقط عشرين صالحين؟» فقال الله: «لا أُهلكها إكرامًا للعشرين.» فقال النبي إبراهيم: «ربي لا تغضب علَى عبدك إن زدت مرة أخيرة، طيب لو كان في المدينة عشرة بس صالحين؟» فقال الله: «لا أُهلكها إكرامًا للعشرة الصالحين.» ولما أتم الله كلامه، رجع لخيمته النبي إبراهيم.
19
هلاك سدوم
لما كان النبي إبراهيم بيكلم الله، وصل الملكين لسدوم عند المساء. وكان النبي لوط أبن أخو النبي إبراهيم قاعد عند باب المدينة. فلما شافهم قام بسرعة وراح ناحيتهم وانحنى على الأرض قدامهم، وقال: «يا سادة، لو تكرمتم علىَّ اتفضلوا في بيتي، فتغسلوا رجليكم وتقضوا الليلة، والصبح تمشوا في طريقكم». لكن الملكين قالوا للوط: «لا، احنا هنقضي الليلة في ساحة المدينة» لكن النبي لوط أصر وفَضَل يلح عليهم لحد ما قبلوا ضيافته. فجهز لهم بسرعة أكل وقدم لهم.
ولكن قبل ما يناموا جاء كل رجالة سدوم من شباب وشيوخ، واتجمعوا حولين بيت النبي لوط من كل ناحية، وصرخوا: «يا لوط، فين الرجلين الي جم عندك بالليل، خرجهم لنا علشان نُفْجُر بالأتنين». فَخَرج لهم النبي لوط وقفل بَاب بيته وراه، وقال: «يا أخواني أتوسل إليكم بلاش تعملوا كده لأن ده شر عظيم. اهُّم بَنَاتِي الأتنين عذارى لو كُنْتُمْ مُصرينَ، لكن ماتؤذوش الضيوف الي في بيتي محتمين». فقالوا له: «أبعد عن طريقنا. أنت غريب عننا، بأي حق تأمرنا وتحكم علينا؟ فهنعمل فيك شر أكتر من اللي كنا هنعمله في ضيوفك الأتنين». فزقوا النبي لوط بقوة وحاولوا يكسروا الباب. لكن الملَاكين فتحوا الباب ومدوا أيديهم ودخلوا لوط جوه البيت وقفلوا الباب وراهم. وبعدها أصاب الملكين كل الرجالة اللي متجمعين على الباب بالعمَى فمقدروش يشوفوا باب البيت.
وقال الملكين: «يا لوط، الله سمع أن أهل سَدوم وعَمورة فسدوا وعَظُمَت فيهم معاصي الظالمين. فأرسلنا علشان هلاك المدينة. فأخرج أنت وأهل بيتك من المدينة وخَرَّج معك كمان خُطاب بناتك وكل أهلك القريبين.» فخرج لوط وراح لخُطاب بناته وقال لهم: «يلا، قوموا واخرجوا من هنا بسرعة لإن الله هيدمر المدينة». لكنهم ضحكوا وماسمعوش كلامه. ولما طلع الفجر قال الملكين للنبي لوط: «يا لوط، يلا بسرعة علشان الله هيدمر المدينة، أخرج أنت وزوجتك وبناتك الأثنتين وإلا هتهلكوا مع الهالكين.» لكن النبي لوط اتردد. فأخذ الملكين النبي لوط من ايده، وخرجوه من المدينة ومعاه بناته وزوجته. وبكده، رحم الله لوط وخرجه هو أهل بيته من سدوم إكرامًا لشفاعة النبي إبراهيم.
وبعدما خرّجوهم من المدينة قال لهم واحد من الملاكَين: «أهربوا بسرعة ونجوا نفسكم، ومحدش منكم يلتفت وراه وماتُقفوش في السهل، لكن أهربوا ناحية للتلال علشان تكونوا أمنين». فقال لوط: «يا سيدي، لك الشكر بعد ما لطفت بحالي وخلصت حياتي، لكن التلال دي بعيدة جدًا، ويمكن نهلك في الطريق قبل ما نوصل لها. شوف، فيه هناك قرية صغيرة قريبة، لو سمحت لنا نروح لها هنكون فيها آمنين». فقال له الملاك: «طيب، أعمل زي ما قلت، اسرع وروح للقرية اللي أنت اخترتها، لأني مش هَدَّمَر سدوم وعمورة إلا بعد ما توصلوا أنتم القرية.» ولأن النبي لوط قال عليها قرية صغيرة، اتسمت القرية بسم صوغر.
ولما وصل النبي لوط لصوغر كانت الشمس بدأت تشرق على الأرض. فأمطر ربنا على سدوم وعمورة حجارة ملتهبة من سجيل. فأهلك الله المدينتين وكل سكانهم، وهلكت معها كل نباتات الوادي وأشجارها. أما زوجة النبي لوط فكانت ماشيه وراه، لكنها بصت وراها فتحولت لعمود ملحِ وهلكت مع الهالكين.
وفي صباح نفس اليوم، رجع النبي إبراهيم للمكان اللي اتكلم فيه مع الله. فبص تحت ناحية سدوم وعمورة وكل الوادي من حوليها فشاف الدخان على كل الأرض وكأنه طالع من فرن حامي. واستجاب الله لدعوة النبي إبراهيم، فنجَى النبي لوط وأهل بيته قبل ما يهلك مُدن الوادي.
ولما وصل النبي لوط وبناته قرية صوغر، خاف أنه يعيش فيها. فرحل مع البنتين للتلال اللي قال له الملاك في الأول عليها وعاشوا في كهف مُنعزلين. وبعد فترة حملت البنتين وخلفوا ولدين. الكبيرة سمت أبنها موآب وهو أبو الموآبيين، وأرضهم شرق البحر الميّت. والبنت الصغيرة سمّت أبنها عمّون وهو أبو بني عمّون وأرضهم شمال أرض الموآبيين.
20
أبيمالك والنبي إبراهيم
بعد فترة من هلاك سدوم وعمورة، رحل النبي إبراهيم من أرض ممرا الأموري في إتجاة الجنوب، لمنطقة النقب بين قادش وبرية شور شمال صحراء سيناء. ولما سكن النبي إبراهيم فترة من الوقت في مدينة جَرَار القريبة من الساحل جنوب فلسطين، وادّعَى قدام الناس هناك أن سارة أخته ومش زوجته. (لأنه خاف أنهم يقتلوه علشان يأخذوها.) فَبعت أبيمالك ملك مدينة جرار جنوده علشان يجيبوها عنده. ولكنّ الله اوحَى لأبيمالك في حلم وقاله: «يا أَبيمالك، أنت اخدت امرأة متزوجة في بيتك، علشان كده هتموت». وماكانش أَبيمالك لسه لمسَها، فقال: «يا رب، وهل تهلك ناس أبرياء مش مذنبين؟ هو بنفسه قال أنها أخته، وهي بنفسها قالت أنه أخوها؟ فأنا بريء تمامًا من ذنبها». فقال له الله تعالى: «نعم، أعلم أنك بريء، وعلشان كده منعتك تلمسها. الآن رُدّ المرأة لزوجها، لأنه نبي ، فيدعي لك فلا تموت وتحيا نفسك، ولو مش هتردها تهلك أنت وكل شعبك».
والصّبح بدري استدعَى أَبِيمَالِك جميع حاشيته وحكى لهم عن الحلم فخافوا كلهم وفزعوا. بعدها استدعى أَبيمَالِك النبي إبراهيم وقال له: «يا إبراهيم، ايه الي أنتَ عملته فينا ده؟ وأيه الغلط اللي انا أرتكبته في حقك علشان تجلب عليا وعلى شعبي ذنب زي ده؟ ليه خبيت عليا أن سارة زوجتك يا إبراهيم؟» فقال له النبي إبراهيم: «يا أبيمالك، أنا عملت كده لأني ظنيت أن مفيش حد هنا بيتقي ربنا، فخفت أنهم يقتلوني علشان يأخذوا زوجتي مني. وفي الحقيقة هي بالفعل أختي من أبي لكن مش شقيقتي، وبعدين بقت زوجتي. يا أبيمالك، من يوم ما أمرني ربنا أني أرحل عن بيت أبي، وأحنا عايشين غرباء لحد النهارده. علشان كده قلت لزوجتي: يا سارة، أعملي معايا معروف، وفي كل مكان نروح فيه قولي أن أنا أخوكي وما تقوليش أن انتي زوجتي.»
وبعد ما سمع أبيمالك كلام النبي إبراهيم، رَد له سارة زوجته، وعطاه غنم وبقر وعبيد وجواري. وقال له: «يا إبراهيم، اهي أرضنا قدامك، وأنت حر تسكن في أي مكان فيها. وأنت يا سارة: أنتِ ملكيش ذنب، وأنا عطيت زوجك ألف قطعة من الفضة، تعويض لكِ قدام الجميع عن الضرر اللي أصابك». وكان ربنا ضرب بيت أَبِيمَالِكُ بالعقم لأنه أخد سارة زوجة النبي إبراهيم. لكن لما تشفع له النبي إبراهيم شفاهم ربنا من العقم اللي أصابهم.
21
قصة النبي إسحاق
(وبعد ما رحل النبي إبراهيم من عند أبيمالك في مدينة جرار، سكن في منطقة بئر السبع جنوب ساحل فلسطين.) وهناك وفىَ الله وعده لسارة زي ما سبق وبشر النبي إبراهيم، لما زارته الملائكة قبل سنة. وبالرغم من أن النبي إبراهيم كان شيخ كبير في السن، إلا أن سارة حملت وخلفت له ولد. فَسمىَ النبي إبراهيم ابنه إسحاق «معناه الضاحك». وفي اليوم الثامن ختن النبي إبراهيم ابنه إسحاق زي ما أمره رب العالمين. ولما ربنا رَزق النبي إبراهيم بإسحاق كان عُمْره (100 مئة) سنة. وساعتها سارة قالت : «ضحكت لما بشرني ربي، وكل الي هيسمعوا عني هيضحكوا من الفرحة زيِّ. مين كان يتوقع أنه يكون لإبراهيم ابن؟ لكن اديني خلفت له ولد وهو شيخ كبير في السن.»
وعد الله لهاجر
وكبر إسحاق ويوم فطامهِ عمل له النبي إبراهيم إحتفال عظيم. وفي يوم من الأيام شافت سارة إسماعيل أبن هاجر بيلعب مع أبنها إسحاق، فقالت للنبي إبراهيم: «اطرد الجارِية دي وابنها بعيد عني يا إبراهيم، ومش هيكون أبنها وريثك مع أبني». فحزن النبي إبراهيم وصعب عليه إبنه إسماعيل. فقال له الله: «يا إبراهيم، لا تحزن على هاجر وإسماعيل. واسمع لكل اللي تقوله زوجتك، لأن إسحاق هو اللي هيورث أسمك. أما إسماعيل أبن هاجر ، فمن نسله أنا هأجعل أمة عظيمة هو كمان.»
والصبح بَدري عطَى النبي إبراهيم لهاجر خبز وقربة مياه وحطه على كتفها ومشاها مع ابنها، فمشوا في برية بِئْرِ سَبْعٍ من مكان لمكان من غير ما يعرفوا طريقهم. ولما خلصت المَياه من قربتها، قَعَدّت الولد تحت شجرة صغيرة، ومشت مسافة صغيرة بعيد عن مكانه. وقالت: «مش هقدر أتحمل أن أشوف أبني بيموت قدام عيني» وبكت بمرارة على ابنها إسماعيل. وسمع ربنا صوت بكاء الصبي، فنادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها: «يا هاجر، أطمئني ماتخافيش لأن ربنا سمع بكاء الصبي. قومي وأرفعي الصبي، لأني هأجعل أمةٌ عظيمة من نسل أبنك إسماعيل» فهداها ربنا وفتح عيونها وشافت بئر ماء، فمشت للبئر ومَلّت قربتها و شربّت ابنها. وبارك الله في إسماعيل، ولما كبر بقَى خبير في الصيد والرماية. واختارت هاجر لإسماعيل زوجة مصرية، وعاش في برية فاران.
النبي إبراهيم وأبيمالك في بئر السبع
وبعد ما أبعَد النبي إبراهيم هاجر وإسماعيل، جه أبيمالك ملك مدينة جرار ومعاه فيكول قائد جيشه وقالوا للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم، أنا عارف أن الله مبارك لك في كل أعمالك. وأنا عايزك توعدني قدام الله أنك تكون وفي معايا ومع ذريتي، وتعاملني بالمعروف أنا وشعبي، زي ما عاملناك بالمعروف لما عشت متغرب عندنا.» فقال النبي إبراهيم: «أقسم لك، لكن خليني أقولك أن خدمك أخدوا بئر المياه اللي أنا كنت حفرتها.» فقال أَبِيمَالِكَ للنبي إبراهيم: «يا إبراهيم، حقيقي أنا معرفش مين اللي أخد البئر بتاعك، وأنت ماقولتليش قبل كده، ولا سمعت بالحكاية دي قبل النهارده إلا منك.» بعدها قدم النبي إبراهيم لأبيمالك غنم وبقر وعملوا معاهدة أن البئر اللي حصل عليها نزاع هي مملوكه للنبي إبراهيم. وبعدين فصل النبي إبراهيم سبع نعجات تانيين عن قطيع غنمه. فسأله أبيمالك: «ليه فصلت النعجات دول لوحدهم يا إبراهيم؟» فجاوبه النبي إبراهيم: «أنا عايزك تقبل مني النعجات السبع دول إقرار منك على أن البئر دي ملكي.» فاتسمَى المكان ده بئرَ السبع (أو بئر القسم)، لأَنَّ النبي إِبْرَاهِيمَ عطَى لإبِيمَالِكَ سبع نعجات لما اقسموا وعملوا المعاهدة بينهم.
وبعد ما تمت المعاهدة عند بئر السبع قام أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ قائد جيشه ورجعوا لمدينة جرار في أرض فلسطين. وغرس النبي إبراهيم عند بئر السبع شجرة وخلاها علامة لمكان مقدس لعبادة الله، واتعبّد النبي إبراهيم هناك للحي القيوم. وبعدها عاش النبي إبراهيم متغرب فترة طويلة في منطقة بئر السبع جنوب ساحل فلسطين.
22
الإبتلاء العظيم: أضحية النبي إبراهيم
وبعْد فترة من إقامة النبي إبراهيم في بئر السبع، شاء ربنا أنه يمتحن إيمان النبي إبراهيم. فناداه الله عز وجل: «يا إبراهيم». فرد النبي إبراهيم: «لبيك ربي». فقال الله للنبي إبراهيم: «خذ أبنك ، حبيب قلبك وروح لجبل مُوريّة، وقدمه لي أضحية على جبل أنا هوريهولك هناك». وفي فجر اليوم التالي قام نبي الله إبراهيم، فأخد الحطب اللي هيحرق عليه الأضحية وجهز حماره، وأخذ معاه أبنه وأتنين من خدمه، ورحل للمكان زي ما أمره ربنا. وبعد تلاتة أيام من السفر، شاف النبي إبراهيم المكان من بعيد. فقال النبي إبراهيم لخدمه: «استنوا هنا، فأنا طالع الجبل مع أبني علشان نتعبد لله، وبعدها راجعين». وحط النبي إبراهيم الحطب على كتف أبنه، ومسك في ايده شعلة النار وفي ايده التانية السكينة، وطلعوا الجبل. ولما كانوا ماشين قال الولد لأبوه: «يا أبي!»، فَقَالَ النبي إبراهيم: «نعم يا ابُنَي». فسأله الولد: «اهي النار والحطب، لكن فين الأضحية؟» فرد عليه النبي إبراهيم: «يا ابني، ربنا شايف وهيدبر الأضحيه». وكملوا في طريقهم طالعين الجبل. ولما وصلوا للمكان اللي وراهوله ربنا، أقام النبي إبراهيم مكان لتقديم الأضحية، وحط عليه الحطب وربط ابنه ووضعه على الحطب. وأخذ النبي إبراهيم السكينة واستعد علشان يذبح ابنه. فناداه ملاك الله: «يا إبراهيم! يا إبراهيم!». فرد النبي إبراهيم: «لبيك». فَقَالَ له ملاك الله: «ابعد ايدك عن ابنك وماتلمسهوش، لأن الله عالم ان في قلبك تقوىَ ورضيت أنك تضحي لله بأبنك حبيب قلبك.» بعدها نظر النبي إبراهيم فشاف كبش متعلق من قرونه على شجرة، فأخذه النبي إبراهيم وقدم أضحية لله بدل أبنه. فسمىَ النبي إبراهيم المكان ده «الله يرَى ويدبر». ولحد النهارده والناس بتقول: «فِي جَبَلِ الرب: الله يرَى ويدبر». وبعدها مرة تانية نادىَ ملاك الله النبي إبراهيم وقال: «يا إبراهيم،لأنك رضيت وكنت مستعد تضحي بأبنك حبيب قلبك، فإن الله بيوعدَك ويقول لك: هبارك فيك وفي ذريتك أجمعين، فيكون عددهم زي نجوم السماء ورمل البحر، وانصرهم على اعدائهم وياخدوا أملاكهم. وأمم الأرض هتطلب البركة زي ما باركت نسلك، لأنك سمعت واطعت يا إبراهيم.» بعدها نزل النبي إبراهيم مع أبنه من الجبل وأخذ خدمه، ورجعوا لمنطقة بئر السبع.
نسل ناحور أخو النبي إبراهيم
وبعد مرور فترة من الزمن، سمع النبي إبراهيم أنّ أخوه ناحور خلف ثمان ولاد من زوجته مِلْكَة، كان البكر أسمه عوص، بعدها خلفت بُوز، وقموئيل أبو الأراميين، وبعدين خلفت خمسة ولاد تانين وهم: كاسد وحزو وفِلداش ويدلاف، وأخر أبناء ناحور كان اسمه بتوئيلَ اللي هيخلف رفقة اللي هتبقىَ زوجة النبي إسحاق وأم النبي يعقوب. وكان عند ناحور كمان جاريّة اسمها رُؤومَةَ، اللي خلفت له أربع ولاد تانين، وهم: طابَح وجاحَم وتاحَش ومَعْكَة. (فكان عدد أولاد ناحور أخو النبي إبراهيم اتناشر ولد.)
23
وفاة سارة زوجة النبي إبراهيم
(بعد فترة من تقديم الأضحية ورجوعهم لبئر السبع فِي أَرْض كنعان، انتقل النبي إبراهيم لحبرون الخليل.) وهناك توفت سارة وعمرها ١٢٧ سنة. فحزن عليها جدًا النبي إبراهيم. ولما توفت سارة كان النبي إبراهيم عمره ١٣٧ سنة، وإسماعيل كان عمره ٥١ سنة، أما إسحاق كان عمره ٣٧ سنة. بعدها مشَى النبي إبراهيم من عندها وراح علشان يتكلم مع شيوخ منطقة حبرون الخليل وقال لهم: «يا سادة، زوجتي ماتت وأنا غريب عايش بينكم، وماعنديش أرض أدفن فيها زوجتي، فاسمحوا لي أشتري قطعة أرض من عندكم.» فرد عليه شيوخ المنطقة: «أسمع لنا يا إبراهيم، أنت سيد مكرم بينا، فاختار أفضل مكان علشان تدفن زوجتك في أرضنا، ومش هيمنع عنك مقبرته حد مننا». فقام النبي إبراهيم وانحنى احترامًا لهم، وقال لهم: «أسمعوا يا سادة، لو رضيتمْ، خلوني أدفن زوجتي في أرض عفرون بن صوحر. فتوسطوا لي عنده علشان يقبل يبيع لي كهف المكفيلة اللي في أطراف مزرعته. وأنا أدفع له الثمن بالكامل قدامكم.» وكان عفرون بن صوحر قاعد معاهم عند بوابة المدينة، فقال للنبي إبراهيم: «أسمع يا سيد إبراهيم. أنا باعرض عليك المزرعة والكهف هدية مني قدام ناسي واهلي فخدها وادفن فيها زوجتك.
فقام النبي إبراهيم وانحنى احترامًا لهم، وقال لهم: «اسمح لي يا سيد عِفْرُونَ بن صوحر، فأنا هادفع لك ثمن المزرعة بالكامل، فتقبل عرضي وخليني أدفن فيها زوجتي.» فقال عفرون بن صوحر للنبي إبراهيم: «أسمع يا سيد إبراهيم: المزرعة ثمنها أربع مئة قطعة من الفضة، وده ثمن مالهوش قيمة بينا يا إبراهيم، فخدها وأدفن فيها زوجتك». فوافق النبي إبراهيم على الثمن اللي حدده عفرون بن صوحر. ودفع له أربع مئة قطعة من الفضة قدام شيوخ المنطقة الموجودين.
وبكده اشترى النبي إبراهيم مزرعة عفرون بن صوحر وكل الأشجار اللي فيها بما فيها كهف المكفيلة قدام كل شيوخ المنطقة الموجودين. فدفن النبي إبراهيم زوجته سارة في الكهف في منطقة حبرون الخليل اللي في أرض الكنعانين.
24
زواج النبي إسحاق
لما تقدم العمر بالنبي إبراهيم (وبقى عنده 140 سنة، كان عَدَى على موت سارة ثلاث سنين،) وكانت بركة الله في كل أعمال النبي إبراهيم. وفي يوم من الأيام استدعَى النبي إبراهيم رئيس خدمه، والوكيل على كل أعماله وقال له: «اِحْلِف لي يا رئيس خدمي، وعاهدني قدام رب السماوات والأرض، أنك ما تجوزش أبني لبنت من بنات الكنعانيين اللي احنا عايشين بينهم. لكن تروح لأهلي في منطقة حاران اللي في أرض ما بين النهرين وتجيب لأبني إسحاق زوجة من أهلي القُريبين». فقال له رئيس خدمه: «يا سيدي، طيب واعمل أيه لو البنت رفضت ترجع معايا علشان تسكن هنا في كنعان، فهل ساعتها أخد أبنك إسحاق علشان يتجوزها ويعيش هو هناك في حاران؟» فقال له النبي إبراهيم: «لا، اياك تخلي أبني يخرج من الأرض دي أبدًا، فإلهي رب السموات والأرض اللي خرجني من بيت أبي وأرض أهلي، عاهدني وقال لي أنه وهب الأرض دي ليا ولذريتي. والله رب السموات والأرض هيبعت قدامك ملاك علشان تنجح في مهمتك وتلاقي هناك زوجة لأبني. ولو البنت رفضت تيجي هنا معاك، فأنت بريء من العهد الي عاهدتني عليه، لكن ماتاخدش أبني وترجع بِّه هناك أبدًا». فحلف رئيس الخدم أنه يعمل زي ما أمره النبي إبراهيم.
فجهز الخادم عشرة من جمال مولاه إبراهيم، وحمِّل الجمال بأنواع كتير من الهدايا الثمينة، ورحل على أرض ما بين النهرين، مكان ما ساكن ناحور أخو النبي إبراهيم. وبعد سفر طويل، وصل الخادم مع القافلة بالقرب من مدينة حاران وقت الغروب، فأخذ الجمال عند بئر مياه بره المدينة. وكانت بنات المدينة بتخرج في الوقت ده علشان تملى المياه من البئر. فدعى الخادم لله وقال: «اللهم رب مولاي إبراهيم يسر لي أمري، واحفظ عهدك اليوم مع مولاي إبراهيم ووفقني في أني الاقي زوجة لإبنه إسحاق. وأنا واقف اهُه عند بئر المياه، وأهم بنات المدينة جايين هنا علشان يملوا المياه من البئر. وأنا هاطلب من بنت منهم أنها تسقيني من جرتها، والبنت اللي تقول لي: أشرب، وأنا هاسقي جمالك كمان تكون هي البنت اللي أنت أخترتها انت يا رب علشان تكون زوجة لإسحاق زي ما عاهدت مولاي إبراهيم.»
وقبل ما يتم الخادم دعوته، جات بنت رائعة الجمال عند بئر المياه وكانت شايله جرتها على كتفها، وكانت البنت دي هي رفقة بنت بتوئيل ابن ملكة زوجة ناحور أخو النبي إبراهيم. فجت البنت لبئر المياه وملت جرتها. وقبل ما ترجع البنت، قام خادم النبي إبراهيم وجرَى ناحيتها وقال لها: «يا صبية، ممكن أشرب مِن جرّتك شوية مياه». فبسرعة نزلت البنت جرتها من على كتفِها وقالت له: «اتفضل اشْرَب يا سيدي». وبعد ما شرب قالت له: يا سيدي، أنا هاجيب مياه علشان جمالك تشرب كمان. وبسرعة جرت البنت لحوض الجمال وفرغت فيه المياه اللي في جرتها، وفضلت تجري للبئر تملَى جرتها وترجع للحوض تاني علشان تفضيها، لحد ما شرَّبت الجمال كلها. وفضل خادم النبي إبراهيم ساكت يبص عليها وهي بتشتغل، علشان يعرف إن كانت هي دي البنت اللي ربنا اختارها زوجة لأبن مولاه إبراهيم.
وبعد ما خلصت الجمال شربها، قدم خادم النبي إبراهيم لرفقة حلق ذهب لأنفها وأسورتين ذهب لأيدها. وبعدين قال لها: «بنت مين أَنْتي؟ وهل فيه مكان نبات فيه في بيتكم؟» فقالت له البنت: «أنا بنت بتوئيل ابن ملكة وناحور. وعندنا مكان علشان تباتوا في دارِنا، وعندنا علف كثير لجمالك كمان». فسجد خادم النبي إبراهيم وشكر الله، وقال: «لك الحمد يا إله مولاي إبراهيم، لأنك وفيت برحمتك لسيدي الكريم، وأرشدتني في طريقي لبيت أخو مولاي إبراهيم».
فجرت رِفقة لبيت أُهلها وقالتلهم على كل الي حصللها. وكان عند رفقة أخ اسمه لابان. فلما سمع لابان كلامها وشاف الحلق في أنفها والأسورتين في ايدها، جرى بسرعة علشان يقابل خادم النبي إبراهيم اللي كان واقف مع القافلة عند البئر. فقال له لابان: «اتفضل يا بركة في بيتنا. ليه واقف هنا؟ البيت متجهز لضيافتكم، وكمان جهزنا مكان علشان الجمال اللي معكم». فراح خادم النبي إبراهيم مع لابان للبيت، ونزل خدم لابان الأحمال وقدموا العلف للجمال، وجابوا المياه علشان يغسل خادم النبي إبراهيم والرجالة اللي معاه رجليهم.
وبعدها قدم خدم لابان الطعام، لكن خادم النبي إبراهيم قال: «عفواً يا سيد لابان، قبل ما أكل خلوني أقول لكم انا ليه جيت هنا». فقال له لابان: «اتفضل قول». فقاللهم: أنا خادم مولاي إبراهيم، ربنا أنعم على مولاي إبراهيم وبارك له جدًا فبقَى رجل غني عظيم، ورزقه بغنم وبقر وجمال ودواب وفضّة وذهب وعبيد وجواري مملوكين. وسارة زوجة مولاي إبراهيم خلفت له ولد وهي عجوز من المسنين، وأبوه وهب له كل أملاكه وهو وريث مولاي إبراهيم. وفي يوم استدعاني مولاي إبراهيم وقال لي: «أحلف لي قدام الله رب السماوات والأرض أنك ما تاخدش لأبني زوجة من بنات الكنعانيين اللي بينهم عايشين. لكن تروح لأهلي في منطقة حاران اللي في أرض ما بين النهرين، وتاخذ لأبني إسحاق زوجة من أهلي القريبين.» فقلتُ لمولاي: «يا سيدي، طيب اعمل أيه لو البنت رفضت ترجع معايا علشان تسكن هنا في كنعان؟» فقال لي «الله رب السموات والأرض اللي أمنت به هيرسل قدامك ملاك علشان تنجح في مهمتك وتلاقي هناك زوجة لأبني. وإن رفضت البنت أنها تيجي هنا معاك، فأنت في حِل من العهد ده». ولما وصلنا النهارده هنا عند بئر المياه، دعيت وقلت: «اللهم رب مولاي إبراهيم يسر لي أمري، ووفقني في أني الاقي زوجة لإسحاق أبن مولاي إبراهيم. وأنا اهُه واقف عند بئر المياه، وأهي بنات المدينة جايين هنا علشان تملى المياه من البئر. وأنا هاطلب من بنت منهم أنها تسقيني من جرتها، والبنت اللي تقول لي: أشرب، وهاشرب جمالك كمان تكون هي اللي أخترتها أنت زوجة لإسحاق أبن مولاي إبراهيم.»
وقبل ما اخلص دعوتي، جات بنتكم رفقة عند بئر المياه شايله جرتها على كتفها، ونزلت للبئر وملت جرتها، فقلت لها: «من فضلك اسقيني». فبسرعة نزلت جرتها من على كتفها وقالت لي: «اتفضل ٱشرب يا سيدي، وأنا هسقي جمالك كمان.» فشربت أنا وشرَّبت هي الجمال كلها. فسئلتها: «بنت مين أنتي؟ فقالت لي: «أنا بنت بتوئيل ابن مِلْكة وناحور». فلبستها حلق ذهب في أنفها وأسورتين في أيدها، وسجدت أشكر الله الي هداني في طريقي لبيت أخو مولاي إبراهيم ووصلني لكم. ودلوقتي لو كنتم تقبلوا إسحاق ابن مولاي إبراهيم زوج لبنتكم فبينوا لسيدي وفائكم، وإن لم يكن فعرفوني علشان أروح لمكان تاني علشان أتمم مهمتي». فجاوبه لابان وبتوئيل: «إن كانت دي مشيئة الله، فمنقدرش نقول نعم أو لا! اهْي رفقة قدامك، خذها وأرجع بيها معاك علشان تكون زوجة لِٱبن مولاك، ومشيئة الله هي اللي تكون». فلما سمع خادم النبي إبراهيم ردهم، سجد على الأرض يشكر الله. وبعدين أخد خادم النبي إبراهيم مجوهرات من ذهب وفضة وثياب غالية وقدمها لرفقة، وكمان قدم هدايا وثياب غالية لأخوها وأُمها.
وبعد العشاء بات خادم النبي إبراهيم والرجاله اللي معاه في ضيافتهم. والصبح بدري قال خادم النبي إبراهيم لأهل رفقة: «أسمحوا لي أرجع لمولاي إبراهيم». فقالوا: «خلي البنت تفضل معنا أسبوع ولا عشر أيام، وبعدين تاخدها وترجع بها». فقال خادم النبي إبراهيم: «بلاش تؤخروني، فالله يسر لي أمري فخلوني ارجع لمولاي إبراهيم». فقالوا: «طيب خلينا نسأل رِفْقَةَ عن رأيها». فنادوا رِفْقَةَ وسألوها: «عندك رغبة تروحي معاه دلوقتي؟». فقالت رِفْقَةَ: «أيوه، أروح». فوافقوا. وقبل ما تسافر رفقة ومربيتها ديبورا مع خدم النبي إبراهيم، بارك لها أهلها وقالوا: «يا أختنا رفقة، الله يبارك فيكي وفي ذريتك، ويجعل نسلك كثير، ويُنْصُر نسلك على أعدائِهم.» فقامت رفقة ومعها خادماتها وركبوا الجمال ورحلوا مع خادم النبي إبراهيم.
في الوقت ده كان النبي إسحاق عايش في جنوب صحراء النقب، بعدما رحل من منطقة البئر اللي سمتها هاجر المصرية أم إسماعيل القدير بحالي بصير. وفي الليلة دي خرج النبي إسحاق في البرية يتأمل في الكون. فشاف قافلة جمال جاية في الطريق، فراح ناحيتها. ولما رفقة شافت إسحاق جاي ناحيتهم، نزلت بسرعة من على الجمل وقالت لخادم النبي إبراهيم: «مين الرجل اللي جاي ده علشان يستقبلنا؟» فقال خادم النبي إبراهيم: «ده سيدي إسحاق إبن مولاي إبراهيم.» فغطت رفقة بالحجاب وشها. ولما وصلوا، حكىَ الخادم للنبي إسحاق كل اللي عمله. فتجوز النبي إسحاق أبن النبي إبراهيم رفقة بنت بتوئيل أبن ناحور أخو النبي إبراهيم. ودخل بها في خيمة أمه سارة، وحبها فصبرته وخففت رفقة عنه فراق أمه بعد تلات سنين من موتها.
25
نسل قطورة زوجة النبي إبراهيم
بعد وفاة سارة حصل أن النبي إبراهيم اتجوز امرأة اسمها قطورة (واسمها معناه: بخور). وخلفت قطورة ست أولاد للنبي إبراهيم، وهم مدين وزمران ويشباق ومدان وشوحا ويقشان. ويقشان خلف ولدين: وهم شبا وددان، ومن أولاد ددان خرجت قبائل الأشوريين واللطوشيين واللأميين. وخلف مدين خمس أولاد وهم عيفة وعفر وحنوك وأبيداع وألدعة. دول كلهم هم ذرية قطورة زوجة النبي إبراهيم، اللي سكنوا في المنطقة العربية. وكان النبي إبراهيم وهب لأولاده من هاجر وقطورة هدايا كثير في حياته، وبعدين خلاهم يرحلوا ويسكنوا في المنطقة العربية بعيد عن أبنه إسحاق. وبعد موت النبي إبراهيم ورث النبي إسحاق كل أملاك النبي إبراهيم.
وفاة النبي إبراهيم
(كان النبي إبراهيم عنده 75 سنة لما خرج مع زوجته سارة ولوط إبن أخوه من مدينة حاران في بلاد ما بين النهرين. وبعدها فضل 100 سنة يتنقل من مكان لمكان في بلاد الكنعانيين.) وعاش النبي إبراهيم حياة الصالحين وتوفاه الله شيخ تقي لما كان عمره 175 سنة ولحق بالسلف الصالحين. فدفن إسحاق وإسماعيل أبوهم في كهف المكفيلة اللي كان اشتراه النبي إبراهيم من عفرون بن صوحر علشان يدفن فيه زوجته سارة في حبرون الخليل. وبعد موت النبي إبراهيم بارك ربنا لإسحاق، ورجع علشان يسكن عند البئر الي سمته هاجر بئر «الحي القدير بحالي بصير».
مواليد إسماعيل
ومن نسل إسماعيل أبن النبي إبراهيم وهاجر المصرية اتولد اتناشر ولد، ودي اسماؤهم حسب ترتيب ولادتهم: نبايوت، وقيدر وأدبئيل ومبسام ومسماع ودومة ومسا، وحيدار وتيما ويثور ونافيش وقدامة. وكل أولاد إسماعيل الأثنى عشر أصبحوا رؤساء قبائل، وعاشوا في مناطق اتسمت بأسمائهم في الآراضي العربية. ولما مات إسماعيل كان عمره 137 سنة.
نسل إسحاق
ودي قصة النبي إسحاق لما اتجوز وهو في سن الأربعين من رفقة أخت لابان وبنت بَتوئيل اللي كانوا عايشين في آرام أرض ما بين النهرين. لكن رفقة عاشت عشرين سنة مع النبي إسحاق من غير ما تخلف له أولاد، فدعا النبي إسحَق لله علشان زوجته تحمل، واستجاب الله للنبي إسحاق. وحملت رفقة في توأمين، واتزاحم في بطنها الولدين، فقالت: «يا الله، أنا ليه كل ده بيحصل لي؟» فقال لها الله تعالى: «يا رفقة، في بطنك ولدين، من كل واحد منهما هيخرج شعب، الصغير أقوى من الكبير، والكبير يخضع للصغير».
ولما جات ساعة ولادة رفقة، خرج الولد الأوّل وكل جسمه متغَطي بشعر كثيف لونه أحمر، فسموه عيسو (معنى الأسم: الأحمر). وبعدها خرج الولد التاني وهو متعلق في عرقوب رجل أخوه، فسموه يعقوب (معنى الأسم: المُتعقب). وكان النبي إسحاق عمره 60 سنة لما خلفت له رفقة الولدين.
وكبر الولدين، عيسو بقى صياد ماهر بيميل لحياة البرية، لكن يعقوب كان راعي غنم بيميل للحياة الهادية. وكان النبي إسحاق بيفضل عيسو وبيحب يأكل من الصيد اللي بيصطاده عيسو من البرية، أما رفقة فكانت بتفضل يعقوب.
عيسو يستهون بحق الأبن البكر.
وفي يوم من الأيام، كان يعقوب بيطبخ شوربة عدس، ورجع عيسو من الصيد في البرية وهو جعان. فقال لأخوه: «يا يعقوب، أنا ميت من الجوع فاديني اكُل من الشوربة الحمرا اللي بتعملها». علشان كده كان لقب عيسو «أدوم»، ومعناه الاحمر. فرد عليه يعقوب: «يا عيسو، لو اتنازلت لي عن حق الأبن البكر، هاديلك تاكل». فقاله عيسو: أنا الجوع بيموتني، وحق الأبن البكر دلوقت بأيه ينفعني؟» فقال له يعقوب: «مش هاديلك حاجة إلا بعد ما تحلف لي الأول». فاستهون عيسو بحق الأبن البكر وحلف ليعقوب وتنازل له عن حق البكورية . فعطى يعقوب لأخوه عيسو عيش وشوربة عدس، فَأكل عيسو وشرب وبعدين قام ومشى في طريقه.